Saturday, December 22, 2007

الساحر

إنها ليست قصة ألفتها من وحي خيالي و لكنه عرض مسرحي إستمر على مدار أربع سنوات إنه عرض الساحر
منذ عامين إقترح علي بعض أصدقائي ان أذهب معهم لمشاهدة عرض مسرحي جميل جدا و فيه يقدم الساحر فقرة قوية جدا, و أقنعوني أخيرا بالذهاب معهم لمشاهدة الساحر, و ذهبت

و فوجئت بعدد الحاضرين, فكلهكم كانوا أشخاصا مألوفين بالنسبة لي, يبدو أنني الوحيد الذي لا يعرف شئ عن هذا العرض
أقل ما أستطيع أن أصفه به أنه فعلا ساحر, و بالتأكيد سيكون السؤال أي نوع من السحر يمارسه؟
و الإجابة أنه ليس مثل أي ساحر لديه من خفة اليد ما يكفي لإقناعك بقدراته الفائقة و لكنه صاحب أقوى و أغرب طريقة في السحر, إنه يسحر عقول كل المشاهدين
و أنت تشاهده ستشعر أن رأسك لم يعد ملكك و أن هذا الرجل لديه القدرة على السحر بمجرد الحديث معك, إنه حديث لم وان تسمعه من أي شخص, و بجانب كل ذلك ستجد أن قدرته على السحر قد بدأت تتملك من عقلك الباطن و كل شئ بداخلك فتجد أن فيلما قد بدأ عل التو في مخيلتك و ياللعجب فمهما كان عدد الحاضرين ستجدهم تحت نفس التأثير و يشاهدوا نفس الفيلم, إنه حقا ساحر

الفيلم يا إخواني وطني, نعم إنه وطني جدا, ملئ بالحماس و حب الوطن و حب التراب و حب العلم و حب الحكومة و حب المستقبل و أي حاجة نفسك تحبها حتحبها و لكن يجب أن تترك رأسك للساحر كي يفعل بها ما يشاء.
و في هذا الفيلم الوطني مشاهد أكشن و إثارة و مخاطرة و مجازفة و لكن طبعا كله يهون في سبيل حب الوطن و تجد وجهك بدأ في السخونة و قلبك بدأ يهتف مصر مصر مصر على رأي الشاعر أ.ب

و على مدار شهر كامل كنا نذهب كل يوم لمشاهدة هذا العرض القوي, و أعتقد أن تأثير السحر بدأ يظهر على الحاضرين في شدة إشتياقهم لمتابعة هذا العرض المسرحي, و أصبحوا على إستعداد للذهاب لأي مكان لمشاهدة هذا العرض كي يكملوا معا الفيلم الذي يدور برؤسهم جميعا, حتى أنهم بدأوا يحلموا بالمشاركة في هذا العرض
و كانت المفاجئة بعد ذلك حيث عرض علينا الساحر أن نشاركه في هذا العمل, و بالتأكيد وافقنا دون تفكير, إنه الحلم الذي طالما حلمنا به
و توالت المفاجئات عندما إتضح لنا ان هذا الساحر ليس وحيدا و لكن من خلفه جيش يساعده و لكنه لا يظهر على خشبة المسرح, و إزداد الإعجاب بهذا الرجل و الفريق المعاون له و الرغبة في المشاركة معهم في هذه البطولة

و مع إشراقة كل شمس كان الفيلم يدور بعقولنا جميعا و ياللعجب فهو نفس الفيلم الذي يدور في عقول أعضاء الفريق القدامى هذا الفيلم الوطني الذي تطور دورنا فيه من مجرد الهتاف و المشاهدة إلى حمل البنادق و الدفاع عن تراب الوطن, إذا فسحر هذا الرجل قوي جدا و يدوم مع مرور السنين, فهذا العمل كان قد بدأ قبل أن ننضم للفريق بعامين

و بعد مرور عام و نصف من إنضمامنا لهذا الفريق و إنضمام الأخرين رغبة منهم في إكمال الفيلم كما فعلنا, بدأ السحر يزول, لماذا زال السحر؟
لقدتأكد الجميع أن هذا الفيلم الوطني الجميل ما هو إلا حلم و أن كل هذا الكلام ما هو إلا هباءاً
و في كل مرة كنت انا و أصدقائي نكذب أنفسنا, فلا يمكن لساحر أن يدوم سحره كل ذلك الوقت, فلابد أن يكون هذا الحلم حقيقة, و لكنه ليس كذلك إنه حلم
و بمرور الوقت إمتد تأثير الساحر مرة أخرى إلى الحلم و حوله هذه المرة إلى كابوس, نعم إنه كابوس, فالجميع إستيقظ ليجد نفسه يحمل عصى يخيل له أنها بندقية و أصبح إسم الوطن و الهتاف مجرد هزيان نائم
و إنفرط العقد, فذهب قادة الفريق بعد ان أفاقوا من تأثير السحر و تركوا الباقين بين كوابيس و أحلام و هزيان و تخبط و أمل و ألم و ندم و عدم ثقة
و كثيرا ما حاول هذا الرجل أن يستخدم فنونه من جودة الحديث مرة أخرى للتأثير علينا و لكننا أصبحنا كل مرة نقع تحت تأثيره نذكر انفسنا بما حدث سابقا و أنه لامجال للأحلام ولا الكوابيس
وأكتشفنا بعد ذلك أن هذا ليس سحراً لأننا لم نعرف معنا السحر و لم نشاهده من قبل في أي مكان, لقد قالوا لنا أن هذا سحراً فأعجبنا به و لكنه ليس كذلك
إنه عرض هزلي مضحك, يجعلك تبكي من كثرة الضحك و تتعلم أنه ليس كل ما يطلق عليه سحراً فهو كذلك و لكنك يجب ان تشاهد أكثر من عرض لتستطيع الحكم
نعم يا إخواني أنه ليس عرض الساحر و لكنه عرض الأراجوز